صوفي لايف

مفهوم الفن - المحور الثالث: الفن والواقع


 


المحور الثالث: الفن و الواقع:


غالبا ما يتم تحديد علاقة العمل الفني بالواقع بوصفها علاقة محاكاة وتقليد بحيث تصبح اللوحة " نسخة" للشيء الذي تعكسه كما لو كان معروضا أمام مرآة أو على صفحة الماء لكن هل الفن محاكاة يسعى إلى نقل الواقع حرفيا؟ أي هل الفن هو محاكاة للموضوعات الخارجية طبيعية كانت أو إنسانية أم هو إبداع حر لموضوعات جمالية خالصة تفسر بواسطة التخيل؟


* موقف أفلاطون:


 انطلق أفلاطون في كتابة "الجمهورية" من تصور سلبي للفن بأنه محاكاة وإعادة إنتاج النماذج الطبيعية وأن الجمال الفني هو تقليد للجمال الطبيعي وتشكيل على مقاسه إلا أن هذا التقليد يقوم على وهم، إذ أن الكائنات الطبيعية ذاتها ليست سوى محاكاة لموجودات حقيقية هي المثل، فالفن إذن في نظر أفلاطون يوهم بتجسيد الواقع بينما هو يكتفي بإعادة إنتاج الظاهر ولا ينفد إلى ماهية الأشياء، ولهذا السبب أقصى أفلاطون الفنانين من جمهوريته الفاضلة لأنهم في نظره لا ينتجون إلا أوهاما.


* موقف هيجل:


 يذهب الفيلسوف الألماني هيجل Hegel (1831-1770) في مؤلف بعنوان "مدخل إلى علم الجمال" إلى القول أن نظرية المحاكاة ان كان لها من هدف شكلي خالص فهو هدف شكلي خالص، وهي إشارة ضمنية لخلو هذه النظرية من كل مضمون فكري أو روحي بحجة تكرارها لما هو موجود في العالم الخارجي ، و التكرار لا طائل منه ولا منفعة، لذا نجد "هيجل" يسائل هذا التكرار ويشكك في قيمته ويصف المجهود المبذول في هذا الجانب "بالباطل و الا مجدي" بل يشبهه بلعبة باعثة على الغرور و الإعجاب بالذات لا تقدم في النهاية سوى أوهام أحادية الجانب وصورة كاريكاتورية عن الحياة. بهذه الأوصاف و التشبيهات السلبية يحاول "هيجل" إظهار محدودية هذه النظرية بل الكشف عن تهافتها حينما يدعي مؤيدوها بأن المحاكاة في الفن تولد اللذة أو المتعة الفنية وإن كان هناك فعلا متعة فهي متعة وهمية.


* استنتاج:


  إذن من خلال النصين يتبين لنا وجه التباين فإن كان يرى أفلاطون يرى أن الانتاج الفني ليس سوى ضرب من الوهم و النسخ لمعطيات العالم المثالي فمع هيجل يتبين لنا أن الفن الحقيقي لا يقف عند حد النقل و الاستنساخ لما هو موجود في الطبيعة لأنه لو كان كذلك لكان فن التصوير الفوتوغرافي هو أكثر الفنون جدارة و قيمة لكن المسالة على خلاف ذلك تماما.


خلاصة:


إذن "فالفن" واقعة إنسانية وبعبارة أخرى التمثل الإنساني للطبيعة فإذا كان الرسام والروائي أو أي فنان لا يقنع بنقل المشاهد ولا بتسجيل الأحداث فما ذلك إلا لشعورهم جميعا بان دورهم ليس هو تقبل العالم و إنما تملكه و بالتالي تغييره لأن الفنان هو قبل كل شيء إنسان يعيش أحداث عصره يتأثر بها ويؤثر فيها فهناك إذن تداخل في عملية الإبداع الفني بين ذاتية الفنان و المحيط الخارجي الطبيعي منه و الإنساني.


تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018