صوفي لايف

درس الدولة بين الحق والعنف / مفهوم الدولة / مجزوءة السياسة

 


فيديو الدرس (حصري على قناة صوفي لايف)


https://www.youtube.com/watch?v=oR65DCJwJac&t=62s



ملخص الدرس


------- المحور الثالث : الدولة بين الحق والعنف -------

تأطير إشكالي للمحور 

يتبين أن الحاجة إلى تأسيس الدولة والتدبير السياسي للسلطة فرضته ضرورة إيجاد الحلول للمشاكل التي تطرحها الطبيعة أمام الإنسان. هذا الأخير مطالب ببناء الدولة للحفاظ على إنسانيته، لأنه بفعل الثقافة (قوانين ودساتير ومؤسسات..)، يستطيع أن يعوض ما لم تمنحه الطبيعة إياه؛ فالسلوك والعلاقات الإنسانية هي نتاج اختبارات سياسية واعية. لكن كيف تقوم الدولة؟ وكيف تمارس وظائفها؟ هل بقيامها ينتفي العنف ويتحقق الحق والقانون أم نكون بصدد ممارسة معقلنة للعنف وطريقة منظمة للقوة؟


موقف نيكولا ماكيافيلي:

يرى ماكيافيلي، أن ممارسة الدولة للسلطة، ينبغي أن تكون خاضعة لمبدإ الواقع. فالسياسة هي مجال للصراع يوجب على الأمير أن يعتمد في ممارسة الحكم على المزاوجة بين القانون والقوة حسب الضرورة، وأن العمل بالقوانين لا ينبغي أن يكون عائقا أمام اللجوء إلى القوة والعنف للحفاظ على حكمه؛ فعليه أن يتظاهر بخصال الرحمة والنزاهة والورع والتقوى وأن لا يتوانى في التخلي عنها، بل واللجوء، إلى العنف والقوة إذا ما تم تهديد حكمه، لتصبح سلطة الحاكم فوق سلطة القانون وتصبح المؤسسات والقوانين مجرد وسيلة. «هناك طريقتان للقتال... الطريقة الأولى تعتمد القوانين، والثانية تعتمد القوة،.. وكما كانت الأولى غير كافية في الغالب، فيجب استخدام الثانية ».


موقف ماكس فيبر

يعتبر أن ما يميز الدولة الحديثة هو تلك العلاقة الوطيدة التي تقيمها مع العنف، فهي وحدها تحتكر حق ممارسة العنف المشروع الذي لا يتنافى مع كونها تجمعا سياسيا وعقلانيا وقانونيا، والذي به يتم ضمان الأمن والاستقرار الجماعيين وباقي الحقوق الأخرى، إن الترجمة الفعلية لمفهوم الحق على مستوى الدولة تتجلى في إضفاء الشرعية على ممارسة أي وسيلة عنف داخل ترابها، « يجب أن نتصور الدولة المعاصرة كتجمع بشري، يطالب في حدود مجال ترابي معين بحقه في احتكار استخدام العنف المادي المشروع وذلك لفائدته».

موقف جاكلين روس

إن مفهوم الدولة لا ينبني على العنف المشروع فقط، بل يتأسس كذلك على فكرة الحق؛ بحيث يكون من اللازم وضع الحدود الكافية التي تخلص حياة الفرد والجماعة من كل تعسف في ممارسة السلطة أو استغلالها؛ فدولة الحق هي التي تمارس السلطة بشكل معقلن، يسمح باحترام القانون وحرية الأفراد، وبالتالي نكون إزاء دولة حق وقانون قائمة على احترام حقوق الإنسان ضد كل أنواع الاضطهاد والاستبداد والعنف، إنها دولة تتخذ ثلاثة مظاهر هي : احترام القانون، الخضوع للحق، وفصل السلط. «سلطة دولة الحق نعمل بواسطة القانون والحق وتقوم على فصل السلط.».


موقف عبد الله العروي

يعتبر العروي، أن دولة الحق تجمع بين ما هو تنظيمي إداري (جهاز) وبين ما هو ذهني و سلوكي أخلاقي (أدلوجة) ، أي أنها تحصل على الصدقية والإقناع بفضل جمعها بين السياسة والأخلاق، بين القوة والإقناع، لكن الدولة القائمة في المجتمعات العربية، لا تعبر عن نشأة مجتمع سياسي، لافتقادها لعنصرين رئيسيين هما: الشرعية والإجماع، وهو ما قد يجعلها تأخذ طابعا خاصا يجعل عنفها لا مشروعا وغير مقبول في المجتمع، ويعتبر تسلطا واستبدادا، يفصل الدولة عن المجتمع وعن أخلاقه وعن الحق. « دولة الحق هي اجتماع وأخلاق، قوة وإقناع».


موقف فريدريك إنجلز

تولدت الدولة حسب «إنجلز» بعد تشكل مجتمع الطبقات، ومن قلب الصراع الاجتماعي بين الطبقة المستغِلة والطبقات المستغَلة، وذلك على خلاف ما ذهب اليه «هوبس» و«اسبينوزا »، باعتباره صراعا بين الأفراد، لهذا فالقوانين هي أداة لممارسة العنف من طرف الطبقة المسيطرة اقتصاديا على باقي الطبقات، وتحتكر السلطة السياسية وإصدار القوانين لتضفي المشروعية على العنف لخدمة مصالحها الطبقية. إن العنف هو حقيقة الدولة وما القانون إلا تعبير عن العنف الاقتصادي (الاستغلال). ولهذا ليست غاية الدولة / السياسة القضاء على العنف، بل تعطى المشروعية للعنف (القانون)، ولن يختفي العنف إلا بالقضاء على الدولة. «إن الدولة هي وليدة المجتمع، ولكنها تغدو تدريجيا غريبة عنه». 


موقف بول ريكور

يقدم تصورا فلسفيا معاصرا يفكر في علاقة الدولة كتركيب عقلاني وتاريخي يرتبط بالحق، القانون، الحرية، السلطة والعنف. وهو تصور يميل إلى ربط الدولة بالسلطة عوض العنف المشروع، انطلاقا من أن تعريف الدولة يكمن في المواجهة بين الشكل والقوة، وأن فكرة السلطة لا تختزل في فكرة العنف. «أن نمنح للدولة امتياز العنف المشروع لا يعني تعريفها انطلاقا من العنف، وانما انطلاقا من السلطة».


تركيب عام للمحور 

الدولة هي مزيج بين الحق والعنف، تتأرجح بينهما، تمارس العنف المشروع باسم الحق، فيصير بذلك أداة لإحقاق الحق، ولو كان عنوانا للتسلط أو انتقادا للشرعية والإجماع، وبالتالي فما يجعل المواطن مرتبطا بالدولة وشرعيتها هو كونها دولة قائمة على الحق والقانون والمؤسسات، دولة تجمع بين السياسة والأخلاق تقوم على فصل السلط وتحافظ على حرية الفرد وكرامته ضد كل قهر أو عنف أو استبداد.

 

خلاصة عامة لمفهوم الدولة إن الدولة مؤسسة سياسية أساسية للفرد والمجتمع، فغاية وجودها هو الحفاظ على إنسانية إنسان وتهذيب قدراته و إمكاناته الطبيعية، وتنظيم حياته الاجتماعية. فضلا عن الحفاظ على وحدة المجتمع وتوازنه بما يخدم مصالحه العامة. والدولة القادرة على الاستمرارية في الدولة الشرعية التي تحاول إقرار الحق والمبنية على تعاقد اجتماعي، ينظم الممارسة، ولو بشكل يوازن بين الدهاء والمكر أو التوسط والاعتدال، أو القوة والإقناع. وذلك بعض دولة الاستبداد التي تبقي دولة تسلطية تفتقد إلى الشرعية والإجماع، مما يجعلها هشة ومعزولة عن الناس.

 

 

تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018