صوفي لايف

مفهوم الغير: المحور الأول: وجود الغير

   


فيديو الدرس (حصري على قناة صوفي لايف)


https://www.youtube.com/watch?v=T7o1tdLQdG4&t=1s


ملخص الدرس

مـدخـــــل:

نجد في معجــم "لالانــد" : "الآخــــر هو أحد المفاهيــم الأساسيـــة والأولى للفــــكر، ومـــن ثم يستحيل تعريفه. يتقابل مع الهو هو( le même )، ويعبر عنـــــــه بالمتنوع ( le divers ) والمختــــــــــلف (le différent) والمتميز (le distinct)"... ومعنى ذلك أن "الآخر" هو مفهوم بسيط أولي ، يتأسس عليه التفكير ولا يمكن تعريفه إلا من خلال مرادفاته أو مقابلاته ... أما مفهوم "الغير" فيتخذ - في دلالته الفلسفية - معنيين متقابلين، بحيث يتحدد - عند "لالاند" - في "الأنا الآخر" (Alterego ) مما يجعله متطابقا أو متماهيا مع الأنا ، ويأخذ عند "سارتر" معنى "الأنا الذي ليس أنا" ، وهو ما يفترض الإختلاف والتعارض مع الأنا.. فمفهوم الغير يتأسس على المفارقة التي تجعل منه ،في نفس الوقت، مطابقا للأنا (أنا آخر مثلي ) ومخالفا لها (أنا ليس أنا)، الشيء الذي سينعكس في القضايا والأطروحات التي ارتبطت بهذا المفهوم في الفكر الفلسفي الحديث والمعاصر بالخصوص، وأهم هذه الإشكالات : 1- وجـــــود الغيـــــر : هل من ضرورة لوجود الغير بالنسبة للأنا ؟ وهل يتمكن الأنا من الوعي بذاته في استغناء تام عن الغير، أم أن الغير يعد شرطا لازما لتحقيق هذا الوعي ؟ 2- معرفـــة الغيــــــر : هل يمكن تحقيق معرفة حول الغير في ظل المفارقة التي يبدو معها شبيها بالأنا ومخالفا لها ؟ 3- العلاقـة مع الغيــر : كيف تتحقق العلاقة الأخلاقية مع الغير؟ هل بوصفه نظيرا للأنا يستوجب المودة والتعاون ؟ أم باعتباره غريبا يجب نبذه ؟ وهل الإقصاء هو الموقف الوحيد الممكن تجاه الغير الغريب ؟


المحور الأول: وجود الغير ± هل الغير أنا آخر ؟

تأطير إشكالي

إذا كان اعتبار الوجود في ذاته هو ما يتعلق بالأشياء المادية الفاقدة للعقل، فان الوجود لذاته هو ما يتعلق بالإنسان من حيث هو كائن يمتلك الحرية والإرادة والمسؤولية والوعي، وإذا كان وجود الغير يدخل ضمن الوجود لذاته، فكيف يتحدد وجوده هذا ؟ وكيف يمكن للأنا إدراكه باعتبارها ذاتا واعية ؟ ثم هل يمكن للأنا والغير أن يوجدا في عزلة تامة أم أن وجود كل منهما ضروري للاخر؟

موقف مارتن هايدغر: تهديد الغير

1-        تــأطـيـر الــنـص:

النص عبارة عن مقاربة فلسفية مقتبس من كتاب" الوجود و الزمن"، وفيه يروم الفيلسوف الى ابراز معنى الوجود في العالم ومع الآخرين والتفكير في سؤال معنى الوجود، وذلك ببحثه في الوجود الإنساني الراهن والعيني  (Dasein)

2-        إشكال النص:

هل وجود الغير يمثل تهديدا بالنسبة للانا ؟

3-       مفاهيم النص:

•الموجود- هنا: الأنا

•الوجود المشترك: المجتمع

•الوجود مع الغير: الحياة الاجتماعية التي ينخرط فيها الأنا مع الغير.

•الوجود مع الآخرين: هو ذلك النسيج الاجتماعي للموجود البشري بوصفه موجود يحيا دائما مع الآخرين Mitsein " والآخرون " أو " الغير " إنما هم أولئك الذين " أوجد " معهم، ويوجدون معي سواء بسواء.

•الكينونة: ما يمثل جوهر الكيان الشخصي لكل فرد والمقصود الخصوصية

On: ضمير مبني للمجهول يستعمل عادة في الأمثال و الحكم التي لا يعرف قائلوها والتي تعبر عن مجموع الآراء والمعتقدات التي يشترك فيها الجميع.

4-       أطروحة النص:

إن حضور الغير في علاقته بالأنا هو إفراغ للذات من خصوصيتها وكينوناتها الفردية التي تميزها عن أخرى وتذيب كل الاختلافات  والتمايزات التي تفقد هويته التي تميزه في الحياة اليومية المشتركة مع الناس.

5-        أفكار النص:

- الوجود مع الغير يجرد الأنا من خصوصياته ويقوي من سلطة الغير ويجعل الأنا مجرد جزء من الآخرين لا هوية له.

- التواجد مع الغير في مجتمع يجعل الأنا يشبه الآخرين فيذوب وجوده  الفردي في الوجود الاجتماعي ويصبح الموجود الحقيقي هو الآخرون وليس الأنا

6-        حجاج النص:

-أسلوب التوكيد:"إن التباعد باعتباره خاصية.."

-أسلوب التعليل:"...لان الآخرين أفرغوه من كينونته الخاصة"

-أسلوب الاستدراك:"بل على العكس من ذلك"

-أسلوب التمثيل:"قراءة الصحف مثلا"

-أسلوب التقابل: الموجود هنا#الغير/ وجودي الخاص#وجود الغير.


7-        خلاصة تركيبية :

إن الوجود مع الآخرين لا يشكل ضرورة أنطولوجية لابراز الذات، ذلك أن وجود الغير في علاقته بالأنا ليس إلا إفراغا للذات وذوبان الفرد في حياة الجماعة. بحيث يفقد الشخص هويته التي تميزه في الحياة اليومية المشتركة مع الناس .

8-       قــيـمـة الــنــص:

إن قيمة هذا النص تتجلى في رهان العلاقة الوجودية مع الغير وتصوره للانسان الحديث في علاقته مع الجمهور و انغماسه معهم، حيث أن هذا الأخير أصبح يعيش في حالة جماعية زائفة باتخاده من " الوجود مع الآخرين " ذريعة للتنازل عن وجوده الخاص ليصبح وجوده مجرد انغماس في عالم الجمهور. و هكذا فقد انسان العصر الحديث انسانيته و حريته، و صار مجرد موضوع ينطق بلسان الآخرين. لكن هذا الوجود الذي هو في نظر هيدجر انما هو ذلك الوجود الحقيقي الذي تشعر معه الذات بأنها قيمة بنفسها، مسؤولة عن ذاتها، وأنه قد خلى بينها و بين حريتها و أنه لا بد لها من أن تأخد على عاتقها تبعة وجودها.   

9-       -حدود النص:

موقف رونيه ديكارت

إن إمكانية إدراك وجود الغير مسألة قائمة حتى في حالة الانغلاقية والعزلة، ولكن بعد أن تعي الأنا المفكرة ذاتها، فوعيها هذا هو أساس كل معرفة، ومن ثم لا يمكن معرفة ذاك الشبيه (الغير) إلا عبر معرفة الأنا، وبواسطة استدلال عقلي (المماثلة) لا يمكن أن يبلغ درجة اليقين. وهكذا فوجود الغير وجود جائز ومحتمل فقط، أو على الأقل يتوقف على استدلالات الأنا نفسه. «قد يكون ما أراه في الواقع من النافذة سوى قبعات ومعاطف لآلات صناعية تحركها  لوالب».

موقف موريس ميرلوبونتي:

ينتقد النظرة التشييئية للغير التي ترى فيه مجرد موضوع قابل للتحليل والتجريب، ويؤكد بالمقابل على ضرورة التعامل مع الغير باعتباره وجودا في ذاته؛ أي كعنصر من عالم الأشياء، ووجودا لذاته؛ أي كذات واعية لها وجودها المستقل. « هناك نوعان من الوجود ولا شيء غيرهما: الوجود في ذاته ، ويخص الأشياء المنتشرة في المكان. والوجود لذاته ويخص الوعي».

موقف جون بول سارتر

يرى أن العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة صراع على مستوى الوجود،على اعتبار أن كلا من الأنا والغير يريد انتزاع الاعتراف من الآخر، وذلك باستلابه وشل إمكاناته بفعل النظرة. إلا أن هذا الصراع يبقى ضروريا لتعي الأنا ذاتها بوصفها ذاتا حرة ومتعالية، وهكذا فوجود الغير. مع «سارتر» يشكل وسيطا ضروريا بين الأنا ونفسها، عبره تحقق الأنا وعيها بذاتها . « الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني آنا وبين نفسي : فانا خجول من نفسي من حيث اتبدى للغير».

موقف جيل دولوز وفليكس غاتاري

لا يظهر الغير كذات او كموضوع، وإنما يتبدى، بخلاف ذلك،بوصفه عالما ممكنا منفتحا أمام الأنا لاكتشافه وتجريبه، ورغم أنه عالم غير واقعي، لكنه يغدو قائم الوجود، ويظهر في محيا من يعبر عنه ولا يوجد إلا في تعبيره، أي تعبير الوجه أو ما يعادله، فضلا عن أنه يفترض علامة لسانية عبر لغة تمنحه صورة متحققة. « الغير بهذا المعنى، هو مفهوم ذو ثلاثة مكونات متلازمة ؛ عالم ممكن، وجه قائم الوجود، كلام أو لغة واقعية».

موقف إيدموند هوسرل

إن إدراك الذات للاخرين يتم عبر إدراكهم كموضوعات غير الأشياء الطبيعية، وكذوات تتواجد في نفس العالم الذي توجد فيه الأنا، وذلك عبر سلسلة من التجارب المتوفرة لدى الذات كتجربة العالم، تجربة الآخرين، والتي يمكن أن تتوفر كذلك لدى الآخرين. «هي ذوات تدرك العالم . الذي أدركه أنا . والذي من خلاله ستتوفر على تجربتي آنا، مثلما اتوفر آنا على تجربة العالم ومن خلال تجربة الآخرين».


تركيب محور وجود الغير

إن حضور الغير في تجربة الأنا، يشكل ضرورة وجودية ملحة باعتبار أن الوعي الحقيقي بالذات ليتاتي بالتصادم مع الغير ونزع اعترافه، مادام الشخص ملزما بالحيش داخل جماعة ومع الغيار والأشباه، ورغم أن انخلاقية الانا وعزلتها هو ما يثير مشكلة وجود الغير.


تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018