المحور الثالث: نتائج تطور التقنية
المحور الثالث: نتائج تطور التقنية
إشكال المحور
ما نتائج تطور التقنية على وجود الإنسان؟
ولماذا تحولت إلى قوة مسيطرة على مصيره؟
تحليل نص ديكارت: السيطرة على الطبيعة
إشكال النص:
ما هي نتائج علم الطبيعة على الوجودين الطبيعي والإنساني؟ وكيف يجعلنا العلم سادة ومالكين للطبيعة؟
أطروحة النص:
- إن موقف ديكارت من الفلسفة التأملية النظرية هو موقف تجاوز وقطيعة ورفض، لأنها في نظره فلسفة عقيمة وجوفاء، ولا تنتج عنها أية منافع ملموسة على المستوى العملي.
- لقد كان لازما على ديكارت الإفصاح عن مبادئ العلم الطبيعي، لأنه اختبر نجاعتها على مستوى حل العديد من المعضلات، وتبين له أنها تؤدي إلى تحقيق منافع كثيرة للناس، وهو ما يجعلها تختلف عن المبادئ التي ترتكز عليها الفلسفة السيكولائية التي كانت سائدة في القرون الوسطى.
- إن الفلسفة العملية المرتبطة بالعلم الطبيعي تمكننا من فهم ومعرفة القوانين التي تتحكم في الظواهر، وهي خطوة أساسية للسيطرة وتحويلها إلى منتوجات صناعية وثقافية يستفيد منها الإنسان.
← هكذا تكمن أطروحة ديكارت في القول بأن العلم الطبيعية يمكننا من معرفة القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية، و هو الأمر الذي يجعل الإنسان يحول الطبيعة لخدمته فيصبح مالكا لها وسيدا عليها.
مفاهيم النص:
* الفلسفة العملية / علم الطبيعة : أية علاقة؟
علم الطبيعة يضع المبادئ النظرية والقوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية، أما الفلسفة العملية فهي التطبيق الواقعي والترجمة الفعلية لتلك المبادئ، عن طريق تحويل الطبيعة وتسخيرها لخدمة مصالح الإنسان.
* معرفة القوانين والسيطرة على الطبيعة: أية علاقة؟
إن معرفة القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية تؤدي إلى معرفة مكوناتها والعلاقات القائمة بينها، وهو الأمر الذي يسمح باستغلالها واستخدامها لتحقيق أغراض ومصالح الإنسان. هكذا تمكن هذه المعرفة الإنسان من أن يصبح سيدا على الطبيعة ومالكا لها.
حجا ج النص:
استخدم صاحب النص مجموعة من الآليات الحجاجية من أجل الدفاع عن أطروحته، منها:
أ- آلية الدحض:
* المؤشرات اللغوية الدالة عليه :
- … و مبلغ اختلافها عن المبادئ التي استخدمت إلى الآن ... - ... و أنه يمكننا أن نجد بدلا من هذه الفلسفة النظرية - فلسفة عملية ...
مضمونه: يدحض ديكارت الفلسفة التأملية النظرية التي كانت سائدة في القرون السابقة، لأنها فلسفة عقيمة، وغير اختبارية، وغير مفيدة، ولا تؤدي إلى السيطرة على الطبيعة
ب- حجة المنفعة: * المؤشرات اللغوية الدالة عليها:
- ... وأنا أبدأ باختبارها في مختلف المعضلات الجزئية ...-... لأن هذه المبادئ أبانت لي أنه يمكننا الوصول إلى معارف عظيمة النفع في الحياة ...-... اختراع عدد لا نهاية له من الصنائع التي تجعل المرء يتمتع من دون أي جهد بثمرات الأرض... الغرض الرئيسي منه أيضا حفظ الصحة ...
* مضمونه : دافع ديكارت عن علم الطبيعة، وعن الفلسفة العملية المرتبطة به، لأنهما أثبتا فائدتهما على مستوى الواقع الفعلي، وحققا للإنسان عدة منافع؛ كاختراع التقنيات، والتمتع بخيرات الأرض، وتوفير أسباب الراحة، وحفظ الصحة.
ج- آلية المثال: لتبيان فائدة العلم الطبيعي، اعتمد صاحب النص على إعطاء مجموعة من الأمثلة من الظواهر الطبيعية: النار، الماء، الهواء، الكواكب، السماوات ... والغرض من ذلك هو توضيح أن معرفة مكوناتها والقوانين المتحكمة فيها، يؤدي إلى السيطرة عليها وتسخيرها لخدمة مصالح الإنسان.
تحليل نص مشيل سير: ضرورة التحكم في التحكم
إشكال النص:
ماهي نتائج تحكم التقنية والعلم الحديث في الطبيعة على مستوى الوجودين الطبيعي والبشري؟ وكيف ينبغي التحكم في هذا التحكم؟
أطروحة النص:
لقد أدى العلم الحديث إلى التحكم المفرط في الطبيعة، مما أدى إلى ممارسة العنف عليها، وتهديد حياة الإنسان، وتكبيده خسائر فادحة. هكذا يتحتم حسب مشيل سير ضرورة التحكم في هذا التحكم الأول، وذلك عن طريق تقنين وعقلنة سيطرتنا على الطبيعة.
مفاهيم النص:
[التحكم، التملك، العلم والصناعة]:
دلالة التحكم والتملك: إن العلم النظري يمكن الإنسان من فهم ومعرفة القوانين المتحكم في الظواهر الطبيعية، كما يمكن من ابتكار تقنيات تساعد الإنسان على التحكم في الطبيعة وتسخيرها لخدمة أغراضه ومصالحه.
* العلم / الصناعة : أية علاقة؟ يبرز لنا النص نوعا من التحالف المشترك بين المشروع الصناعي والعلم، وهو التحالف الذي أدى إلى تهديد حياة الطبيعة والإنسان.
*التحكم في التحكم : التحكم الأول هو التحكم الذي نادى به ديكارت مع فجر العصر الحديث، والذي يكون هدفه هو السيطرة على الطبيعة وتملكها إلى أقصى الحدود، وهو ما أدى إلى ممارسة الدمار والعنف عليها وعلى الإنسان. لذلك يدعو ميشيل سير في هذا النص إلى تحكم ثاني، يكون هدفه هو التحكم في التقنية والعلم عن طريق تقنينهما وتوجيههما نحو تحقيق ما هو إيجابي ومفيد بالنسبة للطبيعة والإنسان.
حجاج النص:
اعتمد ميشيل سير في صياغته لأطروحته القائلة بضرورة إعادة النظر في علاقة الإنسان بالطبيعة، وذلك من خلال إحداث تحكم جديد في التحكم العلمي والتقني الحالي، على مجموعة من الآليات الحجاجية
أ- آلية أو أسلوب العرض:
- المؤشرات اللغوية الدالة عليه: - هذا هو شعار ديكارت ... -هذه هي الفلسفة المشتركة ...
- مضمونه: يعارض صاحب النص الشعار الذي رفعه ديكارت في فجر العلم الحديث، والداعي إلى بذل أقصى الجهود من أجل استخدام العلم والتقنية للسيطرة على الطبيعة وامتلاك طاقاتها ومواردها.
ب-آلية أو أسلوب النقد:
- المؤشرات اللغوية الدالة عليه: - إن التحكم الديكارتي يؤسس العنف ...- إن علاقتنا الأساسية بموضوع العالم أضحت تتلخص في الحرب ... - إن تحكمنا لم يعد منضبطا ولا مقننا، ويتجاوز هدفه، بل أصبح ضد الإنتاج. لقد انقلب التحكم الخالص على نفسه. - إن التحكم لا يدوم طويلا... فيتحول إلى عبودية. - كما أن الملكية... تنتهي إلى الهدم. -
ج- آلية المقارنة:
استخدم صاحب النص مقارنتين:
الأولى: تمثلت في إقامة نوع من المساواة بين الخسائر التي أدى إليها التحكم التقني للطبيعة والذي بدأ مع ديكارت، وبين الخسائر التي يمكن أن تخلفها حرب عالمية وراءها.
الثانية: تمثلت في المقارنة بين العلاقة بين الإنسان والطبيعة في القديم وفي الحديث، وذلك بإقامة نوع من التشابه بين العلاقتين؛ ففي القديم كان الإنسان خاضعا للطبيعة وفي حاجة ماسة إليها لتلبية ضرورياته البيولوجية، أما اليوم فيمكن الحديث عن خضوع من نوع ثان للإنسان تجاه الطبيعة حيث أصبح ضعيفا تهدده وتتملكه، بسبب إفراطه في التحكم فيها بواسطة العلم والتقنية.
خلاصة تركيبية للمحور:
لقد أدى التحكم الديكارتي إلى ممارسة العنف على الطبيعة، لأنه تحكم غير مقنن، فهو يلحق أضرارا بالغة على الطبيعة والإنسان مادام أن هدفه هو الإنتاج. إن تحكما كهذا يؤدي إلى نتائج معكوسة، فيجعل الإنسان في موقع الضعف والعبودية إزاء الطبيعة بدل أن يكون في موقع القوة والسيادة، وذلك بسبب تدميره للبيئة الطبيعية التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عليها في حياته.