صوفي لايف

درس معايير الحقيقة / مفهوم الحقيقة / مجزوءة المعرفة

 




فيديو الدرس (حصري على قناة صوفي لايف)





ملخص الدرس


HHHHHHH المحور الثاني : معايير الحقيقة IIIIIII


تأطير إشكالي للمحور


بلا شك، يمثل الحديث عن الحقيقة في الوقت نفسه حديثا عن المعيار الذي ينبغي توفره لتكون حقا حقيقة حقيقية؛ غير أن هذا المعيار متعدد وليس واحدا، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: ما هي المعايير التي تتأسس عليها الحقيقة؟ هل هي تطابق الفكر مع ذاته أم مع الواقع أم هما معا؟ ثم هل هو معيار منطقي أم مادي؟ أم معيار عقلي أم تجريبي أم ماذا؟


موقف روني ديكارت :


 يقدم معيارين لبلوة الحقيقة هما الحدس والاستنباط، فالحدس هو ذاك الإدراك العقلي الفطرى البعيد عن الحس والخيال، والقائم على الوضوح والتميز والبساطة، وهو ببساطته يكون خالصا أكثر من الاستنباط، وبه يتم استبصار مجموعه من الأمور البسيطة التي يمكن اعتبارها بداهات، أما الاستنباط فهو مصدر غير مباشر لإدراك الحقائق، ولا يقل أهمية عن الحدس لأنه يقود إلى حقائق جديدة وصحيحة، يتم استنباطها من حقائق اولية. «جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية من الوقوع في الخطا : هما اثنان فقط: الحدس والاستنباط».


موقف باروخ اسبينوزا


إن الحقيقة هي معيار ذاتها، ولا تحتاج إلى ما يكشفها أو يؤكدها من الخارج، فهي تحمل في ذاتها ذلك اليقين الواضح الذي يجسد النور الساطع الذي يزيل الظلام، ولا يتطلب شكا أو تمحيصا والمتجلي في البداهة التي تجعل الحقيقة معيارا في ذاتها. إنه المعيار الذي يكشف ويضيء جميع الأفكار ويجعلها متطابقة مع موضوعها الذي تحمله في ذاتها كيقين.. (للإنسان أن يعلم أن لديه فكرة موافقة لموضوعها ..أي عن كون الحقيقة إنما هي معيار ذاتها).


موقف إيمانويل كانط


لا يوجد معيار كوني مادي للحقيقة، لأن هذا المعيار إن كان يصلح لكل موضوع، فيلزم ألا يقبل بالتمييز بين الموضوعات لتحديد تطابق المعارف مع هذه الموضوعات؛ فمن العبث أن نشرط وجودا ماديا وكونيا للحقيقة يتجاوز كل اختلاف بين الموضوعات؛ ومن ثم فالمعيار الكوني السوي المتطابق مع مبادئ العقل وقوانين الفهم، هو الذي ينبغي أن يكون، لأن الحقيقة الصورية تكمن في مطابقة المعرفة لذاتها، بغض النظر عن الموضوعات وعن أي اختلاف بينها. «المعايير الصورية والكونية للحقيقة ليس شيئا آخر سوى المعايير المنطقية والكونية، التي تقوم عليها المطابقة بين المعرفة وذاتها، أو لنقل هي القوانين الكونية للفهم والعقل».


موقف دافيد هيوم


يقسم موضوعات العقل الإنساني وابحاثه التي يشتغل بها من حيث درجة الصحة والصدق التي تتوفر عليها إلى نوعين هما : القضايا التي لا يتأسس صدقها على أي شيء موجود في العالم الخارجي؛ أي تحافظ على صيغها المنطقية واللغوية، وليس فيها أي تناقض، وتعبر عن حقيقة عقلية صورية، تشكل مقدمة ضرورية للحقيقة التجريبية. تم القضايا التي يتوقف صدقها على مدى تلاؤمها وتطابقها مع موضوعها الخارجي، بحيث تعبر عن حقيقة تجريبية. (يمكن أن نقسم كل موضوعات العقل الإنساني أو أبحاثا إلى نوعين هما : علاقة الأفكار فيما بينها، وعلاقات الأفكار بالوقائع).


موقف مارتن هايدغر


الحقيقي هو الواقعي، لكن صفة الواقعي لا تنسب إلى الأشياء والوقائع فقط، بل تنسب كذلك إلى الأحكام المتعلقة بالكائن؛ فحقيقة الشيء تؤول في النهاية إلى واقع الشيء وماهيته ومدى تطابقه مع نفسه، بينما الشيء موضوع حكمه. ( الحقيقي والحقيقة يعنيان التوافق والتطابق بطريقة مزدوجة: أولا تطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء).


موقف جوتفريد ليبنتس


ينتقد التصور الديكارتي الذي لا يقبل الحقيقة إلا بقيامها على معياري الوضوح والتميز، ويعتبر خلافا لذلك، أن الحقيقة تعتمد على البرهان باعتباره فصلا من المنطق سليما وخاليا من الخلل على مستوى المادة والصورة. وذلك بغرض الفصل بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي، أو بين الصواب والخطا. (لا نقبل أي اشيء ما لم يكن مبرهنا بشكل سليم، بمعنى الا يكون فيه خلل على مستوى المادة ولا على مستوى الصورة).


موقف لودفيغ فتغنشتاين


إن الإنسان يتعلم مجموعة من الوقائع، انطلاقا من الاعتقاد الذي قد يكون خاطئا أو صائبا، وهو ما يستدعي التحقق التجريبي منه، رغم أن هناك اعتقادات لا اتخضع للتجربة بتاتا . وهذا ما جعله يبحث في إمكانية وجود معيار يسمح بالاهتداء إلى  اليقين، من خلال مقارنة الأفكار والمعارف بالوقائع والتجارب. «لقد تعلمت الكثير من الأشياء وقبلت بها نتيجة ثقتي في سلطة كائنات بشرية، وبعد مسار تجريبي تاكدت من صحة بعضها وبطلان البعض الاخر».


موقف جون لوك :


 إن التجرية هي مصدر كل حقيقة، ذلك أن ما تمدنا به الحواس من معطيات، يجعلنا نحولها إلى أفكار مركية ومتآلفة بينها تنتج أفكارا أخرى، ولأن الهقل أشبه ما يكون بورقة بيضاء تستمد معرفتها من التجربة الحسية، فإن كل المجردة هي في منآى عن الحقيقة. «العقل صفحة بيضاء، يكتسب تجاربه بما يتلقاه من معطيات الحس».


تركيب عام للمحور 


يتبين في ضوء المواقف السابقة أن معيار الحقيقة يتحدد إجمالا في العقل وما يرافقه من آليات عقلية (الحدس، الاستنباط، البرهان، المنطق، البداهة)، كما يتحدد في التجربة ومعطياتها الحسية، وما تقدمه من خبرات ومعارف، وقد يتحدد بهما معا.


تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018