محور الشخص والهوية / مفهوم الشخص / مجزوءة الوضع البشري
مفهوم الشخص
المحورالأول : الشخص والهوية
تأطير إشكالي للمحور
إن التساؤل عن هوية الشخص معناه التساؤل عن المكونات الأساسية لهذه الهوية ومقوماتها التي تجعل الشخص هو هو. فعلى ماذا تقوم هوية الشخص؟ هل على كونه ذاتا واعية أم على ما يحمله من صفات وما يصدر عنه من أفعال؟ بعبارة أخرى، ما الذي يتغير في الشخص، وما الذي يبقى ثابتا؟ ثم هل هذه الهوية هوية واحدة أم متعددة؟
1)- موقف رونيه ديكارت
« أنا شيء مفكر ».
يعتبر ديكارت أن العقل ذاك النور الفطري الطبيعي هو ما يمثل جوهر الذات، وبدونه لا يمكن للإنسان أن يعيَ وجوده ويبلغ الحقيقة، وعلى ذلك فهوية الشخص تتحدد بالوعي وخاصية التفكير باعتبار محلهما العقل
2)- موقف جون لوك
« بما أن الوعي يرافق الفكر باستمرار: فإن هذا ما يجسد الهوية الشخصية».
وحدة الذات الإنسانية (الأنا) واستمراريتها الزمنية المعبرة عن الهوية الشخصية تتجسد في الشعور (الوعي المقترن بالفكر) الذي يميز الشخص المفكر، وفي الذاكرة التي هي امتداد للشعور في الزمان والمكان.
3)- موقف آرثور شوبنهاور
« إنها تتوقف على الإرادة التي تظل في هوية مع نفسها، وعلى الطبع الثابت الذي تمثله».
أساس هوية الشخص هو الإرادة؛ إرادة الحياة بوصفها نواة الوجود الإنساني الذي لا يحد بالزمن، إنها إرادة تظل ثابتة عندما ينسى الإنسان أو يتغير، وما العقل سوى تابع لها.
4)- موقف جون لاشوليي
« ليس هناك إلا شيئان يجعلاننا نحس بهويتنا أمام أنفسنا وهما: دوام نفس المزاج أو نفس الطبع، وترابط ذكرياتنا ».
المحدد الرئيسي للشخص هو هويته، أي تطابقه مع ذاته وتميزه عن غيره، وأساس هوية الشخص وحدته النفسية في الزمان أي عبر مراحل حياته رغم مظاهر التحول والتغير. وهي ليست نتاجا تلقائيا، بقدر ما هي وحدة قائمة على آلية وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصية (المزاج) وفي مواقفها وردود أفعالها،وآلية الذاكرة التي تربط حاضر الشخص بماضيه القريب أو البعيد.
5)- موقف سيغموند فرويد
« إن الأنا مضطر إلى أن يخدم ثلاثة من السادة الأشداء... وهؤلاء المستبدون الثلاثة هم العالم الخارجي والأنا الأعلى والهو ».
إن الجوهر الحقيقي للشخص متمثل في اللاشعور أو اللاوعي الذي يختزل تصورا ديناميا للشخصية، باعتبارها مجموع صراع بين الغرائز (الهو) والمثل الأخلاقية (الانا الأعلى) وضغوط الواقع الاجتماعي، فالأنا هو من جهة نتاج للتوازن والتوفيق بين هذه القوى، مثلما هو أداة لتحقيق هذا التوازن والتوافق، مما يجعل وحدة الشخص وحدة دينامية عسيرة ولامتناهية التحقق.
6)- موقف إيمانويل مونيي
« إن الشخص هو الشيء الذي نعرفه، والذي نشكله من الداخل ».
إن الشخص ليس موضوعا ولا يمكن أن يتمثل في أي إنسان بوصفه موضوعا، لأنه مخالف للأشياء الخارجية، إنه واقع كلي وشمولي يجسد فكرا بما هو روح ترتبط بما هو داخلي، وتميزه بهذا الداخل يلغي كل نظرة خارجية قد تجعله مجرد صور خارجية مركبة، وقد تعجز عن فهم الشخص في وحدته وكليته الداخلية، هذه الوحدة والكلية هي ما يجسد هوية الشخص.
تركيب عام للمحور