صوفي لايف

درس المعرفة التاريخية / مفهوم التاريخ / مجزوءة الوضع البشري







فيديو الدري (حصري على قناة صوفي لايف) 


https://www.youtube.com/watch?v=vsi6LioaH0c&t=57s



ملخص الدرس


تقديم المفهوم


إن الإنسان لا يوجد بوصفه شخصا،  ولا يوجد بعلاقة تفاعلية مع غيره فقط،  بل له وجود تاريخي مرتبط بتاريخ هو بمثابة واقع إنساني حدث في الماضي، ويلعب دورا مهما في فهم الحاضر واستشراف المستقبل.  وهذا ما يجعلنا نعتبر الإنسان كائنا تاريخيا،  يجعل من التاريخ موضوع معرفة منظمة وموثقة؛ فهو يتطلع إلى وصف أحداث الماضي وفهم منطلقها التاريخی وبيان كيفية حدوثها، وكذلك طبيعة التقدم الذي كان أو يكون ووتيرته، أي تحديد ما إذا كان التقدم يتم على شكل خط متصل (من الأدنى إلى الأعلى)، أم يتم بشكل فجائي قافز. إن التاريخ هو ذاكرة حية من صنع الإنسان، لا يمكن أن تكون بدون إرادته ووعيه وتأثيره، رغم أن بعض النظريات الفلسفية تريد أن تجعل التاريخ فوق الإنسان ومستقلا عنه، أو يرى بعضها على الأقل بأن الوجود التاريخي هو الذي يصنع الإنسان بدوره. إن هذه المفارقة في الوجود التاريخي للإنسان تتولد عنها الأسئلة التالية :  ما التاريخ؟ ما دلالة المعرفة التاريخية؟ هل يتقدم التاريخ نحو وجهة محددة - سلفا -؟ ثم ما دور الإنسان في التاريخ؟ وما رهانات علاقاته بالتاريخ؟


المحور الأول المعرفة التاريخية


تأطير إشكالي


إن الإنسان لا ينخرط في مجرى التاريخ ووقائعه، بل يجعل من التاريخ موضوع معرفة منظمة وموثقة، فهو يتطلع إلى وصف أحداث الماضي وفهم منطقها التاريخي وبيان كيفية حدوثها. و على ذلك نتساءل: هل يمكن جعل أحداث التاريخ ووقائع الماضي موضوع معرفة علمية؟ وإذا كان ذلك ممكنا، فما طبيعة هذه المعرفة؟ ما شروطها؟ وهل تتطابق مع وقائعها التاريخية كما هي فعلا؟


1-      موقف عبد الرحمان ابن خلدون

ينطلق من سيرورة العمران الاجتماعي البشري للتأكيد على أن المعرفة التاريخية ليست تدوينا أو سردا لأخبار الأيام وأحوال الأمم السابقة، بل هي نظر عقلي في أحوال «الماضيين» وتعليل لكيفية حدوثها وسبرها بمعيار العقل والحكمة. « إن فن التاريخ... يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم...بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر».


2-       موقف ریمون آرون

إن المعرفة التاريخية تسعى لإعادة بناء ما كان موجودا ولم يعد انطلاقا مما بقي كأثر، فالمسافة الزمنية التي تفصل الماضي عن الحاضر تجعل إدراك معاني ودلالات سلوكات وإنجازات السابقين باعتبار تواجدهم ضمن عالم غريب عنا مسألة صعبة تتطلب استعدادا فكريا وجهدا منهجيا، وهذا بخلاف المعرفة التلقائية والمباشرة المتوفرة في الحاضر. « إن المعرفة التاريخية التي تنجم عن عملية إعادة البناء هذه تنفصل عن تجربتنا الخاصة في الحاضر».


3-      موقف بول ريكور :

 إن زمن الموضوع التاريخي أو الواقعة التاريخية يختلف عن زمن تواجد المؤرخ باعتباره ذاتا عارفة، وعليه فالمعرفة التاريخية ليست معطاة بقدر ما هي معرفة مؤسسة على استحضار وثائق وأحداث تاريخية، وذلك حسب منهج العلوم الحقة، الذي يبقى مع ذلك منهجا خاصا، نظرا لطبيعة الموضوع المحكوم بذاتية المؤرخ ونظرته.  « يتمكن المؤرخ معتمدا على الوثائق ومنطلقا من الملاحظة المنهجية، من بناء الوقائع التاريخية».


4-      موقف جيل غاستون غرانجي :

 إن التاريخ يضم قسطا من المعرفة العلمية، لكنها تصير أحيانا معرفة تاريخية فاقدة للشروط العلمية التي يمكن أن تدرجها ضمن العلوم الإنسانية، فهي معرفة إكلينيكية نظرية تارة تميل إلى الأدب وتارة أخرى إلى الإيديولوجيا ومحاولة إعادة بناء الواقع. « التاريخ ينفلت من أيدينا لكونه لا يهتم ببلورة النماذج لمعالجة الوقائع، بل يهتم بإعادة بناء تلك الوقائع ذاتها التي تمت معايشتها فرديا».


5-      موقف هنري إيريني مارو :

 إن التاريخ هو معرفة بالماضي الإنساني، تقتضي ضرورة تمييزها عن السرد أو الأدب التاريخي، فهي معرفة تاريخية مكتوبة قائمة على منهج منظم ودقيق يميزها عن البحث والدراسة، لأن التاريخ لو كان بحثا أو دراسة، فسيتم الخلط بين الوسائل (البحث، الدراسة) والغايات (المعرفة). إن التاريخ يتحدد بالحقيقة التي يكون قادرا على بلورتها. « التاريخ هو المعرفة العلمية المكونة عن الماضي».


ترکیب

ان تحصيل المعرفة التاريخية الحقيقية والموضوعية يتطلب بناء محكما وفق منهج منظم ودقيق واستعدادا فكريا صارما، رغم ما قد يرافق ذلك من تدخل لذاتية المؤرخ ونظرته الخاصة في الموضوع التاريخي.

تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018