أحدث المقالات والدروس

مفهوم الفن - المحور الثاني: الحكم الجمالي

author image

 




المحور الثاني: الحكم الجمالي:


قبل التطرق إلى إشكالات هذا المحور من الضروري تعريف معنى الحكم الجمالي فمثلا إذا تأملنا لوحة رسام أو نصتنا إلى معزوفة موسيقية أو شاهدنا مسرحية أو قطعة منحوتة فإننا نشعر بشيء ما يشدنا إليها فلا نخفي هذا الانشداد إلى العمل الفني ونعبر عنه بالحكم جمالي يجعلنا نعترف بإعجابنا واستمتاعنا لكن هل هذا الحكم الجمالي هو حكم ذاتي يختلف من شخص إلى آخر أم أنه حكم كوني يتفق حوله الجميع؟


* موقف دافيد هيوم:


 ذهب الفيلسوف الانجليزي "دافيد هيوم" David Hume (1711-1776) في موقف له بعنوان "دراسات استطيقية « Les essais esthétiques » إلى اعتبار المبادئ العامة للذوق هي مبادئ مشتركة إلا أن التقديرات الفنية و الحساسيات الجمالية تخدع مع ذلك للمتغيرات الاجتماعية و المزاج الشخصي و الخبرات الفردية وهذا هو مصدر اختلاف الأحكام الجمالية بين الناس.


* موقف إيمانويل كانط:


 يذهب "إيمانويل كانط" في كتابه نقد ملكة الحكم إلى أن الحكم الجمالي هو حكم ذوقي أي هو موضوع متعة فنية خالصة تخص ملكة الحكم بعيدا عن كل منفعة مادية كما أنه يختلف في ذوقه عن الحكم المعرفي الذي يقوم على الفهم في إدراكه للموضوعات الخارجية. أضف إلى ذلك أن الحكم الجمالي هو كوني ذاتي بخلاف الحكم المعرفي الذي هو فقط موضوعي.


* استنتاج:


نستنتج إذن من خلال الموقفين أن الحكم الجمالي هو حكم ذاتي مشترك بالرغم من اختلاف أذواق الناس الذي يرجع أساسا إما إلى فساد ملكاتهم الذوقية بسبب أحكام مسبقة وانعدام الخبرة بالفنون أو غياب الحس الفني النقدي كما أن الحكم الجمالي يختلف عن الحكم المعرفي فإن كان الأول يتعلق بمشاعر اللذة و الإشباع أو الاستحسان و الاستهجان فالثاني يرتبط بالفهم ومعنى هذا أننا نفقد تذوق الجميل عندما نحاول فهم الأشياء التي نراها ونسمعها فالوردة عندما نشرحها مثلا لنعرف عناصرها الكيميائية لا ريب أننا نفقدها جمالها، إن الجميل غايته تنبع منه، يحملها معه، تكسوها ظلال وسحب من التأمل الفني الخالص.