صوفي لايف

مفهوم الشغل: المحور الأول: الشغل خاصية إنسانية

 



مجزوءة الفاعلية والإبداع   -    مفهوم الشغل                 

التأطير الإشكالي للمفهوم:

يعتبر مفهوم الشغل من المفاهيم الفلسفية المرتبطة بالفاعلية الإنسانية، ومن المفاهيم المعقدة والمركبة نظرا لتعدد الدلالات بحسب الحقل الذي يتناوله، ويثير من حيث هو كذلك مجموعة من التقابلات تحدد وتعكس الكيفية التي يدركه بها الإنسان وكذا الكيفية التي يعيش بها فهو جهد وعناء وتعب ومخاض... وهو مع ذلك خلق وولادة وإبداع وتحرر وكسب... ويتموضع في مقابل العقم والراحة والعطالة والفقر وكأنه وسط بين عملية تحويل الطبيعة وتطويعها من جهة، والعيش على ما تجود به الطبيعة من جهة ثانية وهو بفاعليته محرك الحياة الاجتماعية في اتجاه التقدم أو ما يعيق حركتها وتقدمها بغيابه وأمام هذه الأهمية تصبح مسألة هذا المفهوم أمرا أساسيا باستحضار بعض التصورات والخطابات الفلسفية المؤطرة له:

- فلماذا يعتبر الشغل فاعلية إنسانية؟

- ما علاقة تقسيم الشغل بتنظيم المجتمع؟

- هل الشغل بالنسبة للإنسان عامل تحرر أم استلاب؟ غاية أم وسيلة؟ رتابة أم إبداعية ؟

المحور الأول: الشغل خاصية إنسانية

إشكال المحور

  • لماذا يعتبر الشغل فاعلية إنسانية ؟
  • و ما هي المعاني والقيم التي يضيفها على الوجود الإنساني ؟

تحليل نص كارل ماركس: الشغل سيرورة وتوسط

إشكال النص :  

ما هو الشغل ؟ و بأي معنى يمكن اعتباره فاعلية إنسانية ؟

أطروحة النص:  

يتحدد الشغل بوصفة فعلا يتم بين الإنسان والطبيعة، بموجبه يقوم العامل بتحويل المواد الطبيعية الأولية ويضفي عليها صورة انطلاقا من تصوراته العقلية القبلية. وهكذا يتميز الشغل عند الإنسان بطابعه الغائي حيث يختلف عن العمل عند الحيوان الذي يظل مجرد فعل غريزي. و هذا ما يجعل الشغل فاعلية خاصة بالإنسان وحده.

مفاهيم النص

الشغل / الإنسان:  بواسطة الشغل يتدخل الإنسان في الطبيعة ويغيرها، بأن يمنحها شكلا معينا ويجعلها مفيدة له في حياته. هكذا فالشغل له آثار إيجابية على حياة الإنسان، إذ يحقق له الرفاهية في العيش ويحقق له منافع كثيرة. غير أن هذا التأثير يطال الإنسان أيضا، فينمي ملكاته العقلية ويطور سلوكه و يرتقي بذوقه.

الشغل / الوعي والإرادة:  الشغل عند الإنسان خاضع للإرادة و يحضر فيه الوعي، ذلك أن الإنسان يفكر بشكل مسبق في كيفية إنجازه لعمله قبل أن يحققه على أرض الواقع. وهذا ما يجعل الشغل عند الإنسان ذا طابع غائي، أي أن الإنسان يعي شغله ويحدد له غايات معينة قبل عملية إنجازه.

مسار الشغل:  يتضمن مسار الشغل أو سيرورته ثلاثة عناصر أساسية:

  • النشاط الإنساني: نشاط جسدي – نشاط عقلي.
  • موضوع الشغل: المواد الطبيعية الأولية.
  • وسائل وأدوات الشغل.

حجاج النص:  

من أجل توضيح أطروحته، استخدم ماركس مجموعة من الأساليب الحجاجية:

أسلوب العرض و التفسير

المؤشرات اللغوية الدالة عليه:     - إن الشغل … /  و في الوقت الذي … فإنه … /  إن نقطة انطلاقنا هي … /  إن النتيجة التي ينتهي إليها الشغل …

مضمونه:

  • تعريف الشغل باعتباره فاعلية تدخل الإنسان والطبيعة في علاقة منتجة لقيم نافعة.
  • الشغل لا يغير الطبيعة فقط، بل يغير أيضا ملكات الإنسان وقدراته الإبداعية أيضا.
  • الشغل فاعلية إنسانية.
  • نتيجة الشغل توجد بشكل قبلي في ذهن العامل ومخيلته.



العمل عند الحيوان

الشغل عند الإنسان

العنكبوت – النحلة.
مهارة غريزية.
عمل آلي.
التلقائية والعفوية الطبيعية.
عمل إجباري و خاضع للضرورة البيولوجية.

الحائك – المهندس.
مهارة عقلية.
عمل غائي.
القصدية والتخطيط والبرمجة.
عمل حر واختياري.

أسلوب المقارنة





هكذا يثبت كارل ماركس من خلال هذه المقارنة، بأن الشغل بالمعنى الدقيق ظاهرة خاصة بالإنسان وحده، لأنه فعل غائي وقصدي، يحضر فيه الوعي والإرادة العاقلة والحرة للإنسان.

 

تحليل نص نيتشه

إشكال النص:

  • ماهي انعكاسات الشغل على الفرد العامل ؟
  • و ما هي القيم التي يضيفها الشغل على الوجود الإنساني ؟

أطروحة النص:  

إن الشغل الشاق في نظر نيتشه يحول دون تحقيق الرغبات والميولات الفردية، فهو يهدر طاقات الإنسان الفردية والإبداعية، إن الغرض منه هو فقط إشباع حاجات حيوانية بسيطة، كما يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار والهدنة الإجتماعية.

مفاهيم النص:

  • نعمة الشغل: إيجابيات الشغل وآثاره الحسية على الإنسان.
  • الأفعال المجردة: هي مجموعة من التعاليم المسطرة نظريا، والتي تحدد لأفراد المجتمع ما يجب فعله.
  • العلاقة بين الخطاب الذي يمجد الشغل والفرد: يرى نيتشه أن هناك خلفية فكرية وإيديولوجية تقف وراء الخطابات التي تمجد الشغل وتمدح الممارسين له، وهي التي تتمثل في التحكم في أفعال الأفراد وتوحيدها بغية تحقيق النظام والاستقرار داخل الجماعة. هكذا تستغل هذه الخطابات الشغل إيديولوجيا لصالحها، مما يجعلها تخشى كل عمل أو مبادرة فردية.
  • العلاقة بين الشغل الشاق من جهة والفكر والرغبة الفردية من جهة أخرى: إن الشغل الشاق – من الصباح إلى المساء – يعرقل التفكير الفردي، ويلجم رغبات وميولات الفرد الذاتية، ويهدر طاقته العصبية في تحقيق أهداف وضيعة تتمثل في إشباع حاجات الجماعة من أجل تحقيق الهدنة والنظام، وإن كان ذلك على حساب شقاء الفرد وكده المستمر.

هكذا نجد أن الفيلسوف الألماني نيتشه يوجه نقدا للشغل الشاق من الصباح إلى المساء، باعتباره مصدر شقاء للفرد ويقتل مواهبه وميولاته الشخصية، حيث يصبح هذا الأخير أداة طيعة في يد الجماعة تحقق من خلاله مصالحها وأهدافها الإيديولوجية.


تعليقات حول الموضوع

مواقعنا الإجتماعية

تابعنا على الفيسبوك

اكثر المواضيع تصفحا هذا الاسبوع

اكثر المواضيع تصفحا هذا الشهر

جميع الحقوق محفوظة لمدونة صوفي لايف © 2018